كتاب تفسير الأحلام لإبن سيرين - صفحة: 375

كتاب تفسير الأحلام لإبن سيرين - صفحة: 375



۞ (ومن رأى) انه يداوي عينه فإنه يصلح دينه

۞ (ومن رأى) كأنه يكتحل وكان ضميره في كحله اصلاح البصر فإنه يتفقد دينه بصلاح او زينة فإن كان ضميره الزينة فإنه يأتي أمر ايزين دينه ودنياه وأما السعوط فمن رأى أنه يستعط فإنه يبلغ الغضب منه ما تضيق منه الحيلة بقدر ما سعط به من دهن أو غيره وأما الحقنة فمن رأى أنه يحتقن من داء يجده في نفسه فإنه يرجع في أمر له فيه صلاح في دينه وان احتقن من غير داء يجده فإنه يرجع في عدة يعدها إنسانا أو نذر نذره على نفسه أو في كلام تكلم به وفي غبطة خرجت منه ونحو ذلك وربما كان من غضب شديد يبتلى به والتمريخ بالدهن الطيب ثناء حسن وبالدهن المنتن ثناء قبيح وقيل الدهن غم في الأصل فإن رأى كأن له قارورة دهن وأخذ منها الدهن وادهن به أو دهن به غيره فإنه مداهن أو حالف بالكذب أو نمام لقوله تعالى (ودوا لو تدهن فيدهنون) الآية

۞ (ومن رأى) أنه دهن رأسه اغتم إذا جاوز المقدار وسال على الوجه فإن لم يجاوز المقدار المعلوم فهو زينة والدهن الطيب الرائحة ثناء حسن والدهن المنتن ثناء قبيح وقيل الدهن المنتن امرأة زانية أو رجل فاسق وقالوا من دهن رأس رجل في موضع ينكر فليحذر المفعول به من الفاعل مداهنة ومكرا فإن رأى وجهه مدهونا فإنه رجل يصوم الدهر

۞ (ومن رأى) أنه قد سقى أو سقاه غيره قدحا فإنه يدل على طول حياته وأما الكي فاللذع بالكلام الطيب الموجع لمن يكويه فمن رأى انه يكوى بالنار انسانا كيا موجعا فهو يلدغ المكوي بكلام سوء وبأس من سلطان فإن كان الكي مستديرا فهو ثبات في أمر السلطان في خلاف السنة وقيل من رأى أنه كوي عرقا من عروقه فإنه يولد له جارية أو يتزوج أو يرى امرأته رجل غريب وأما الترياق فقد رأيت ابن سيرين يكرهه.

الأطعمة والحلوى واللحمان وما يتصل به من القدر والمائدة والسفرة والقصاع والمعرفة والاثفية ۞ قال المعبرون ان دقيق الحنطة مال مجموع وعيال وعجنه سفر عاجنه إلى أقاربه والعجين مال شريف في التجارة يحصل منه ربح كثير عاجل ان اختمر وإن لم يختمر فهو فساد وعسر في المال وان حمض فهو قد أشرف على الخسران

۞ (ومن رأى) انه يعجن دقيق شعير فإنه يكون رجلا مؤمنا ويصيب ولاية وثروة وظفرا بالأعداء والنخالة شدة في المعيشة وأكلها فقر

۞ (ومن رأى) أنه يخبز خبزا فهو يسعى في طلب المعاش لطلب منفعة دائمة فإن خبز عاجلا لئلا يبرد التنور نال دولة وحصل مالا بيده بقدر ما خرج الخبز من التنور ومن أصاب رغيفا فهو عمر والرغيف أربعون سنة فما كان فيه من نقصان فهو نقصان ذلك العمر وصفاؤه صفاء الدنيا وقيل الرغيف الواحد ألف درهم وخصب وبركة ورزق حاضر قد سعى له غيره وذهب عنه حزنه لقوله عز وجل (وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن) قال المفسرون الحزن الخزي فإن رأى رغفانا كثيرة من غير أن يأكلها لقي اخوانا له عاجلا وإن رأى بيده رغيفا كشكارا فهو عيش طيب ودين وسط فإن كان شعيرا فهو عيش نكد في تدبير وورع فإن كان رغيفا يابسا فإنه قتر في معيشته وان اعطى كسرة خبز فإكلها دل على نفاد عمره وانقضاء أجله وقيل بل هذه الرؤيا تدل على طيب العيش فإن أخذ لقمة فإنه رجل طامع والرغيف للعزب زوجة والرغيف النظيف النضيج للسلطان عدله وللتاجر انصافه وللصانع نصحه وحرارة الخبز نفاق وتحريم فإن رأى رجل رغيفا معلقا في جبهته دل على فقره والخبز المتكرج مال كثير لا ينفع صاحبه ولا يؤدي زكاته وأما خبر الملة فهو ضيق في المعاش لآكله لأنه لا يخبزه إلا مضطرا

۞ (ومن رأى) انه يأكل الخبز بلا أدم فإنه يمرض وحيدا ويموت وحيدا وقيل الخبز الذي لم ينضج يدل على حمى شديدة وذلك أنه يستأنف ادخاله إلى النار ليستوي وقيل الخبز الحواري الحار يدل على الولد وأكل الخبز الرقاق سعة رزق وقيل ان رقة الخبز قصر العمر وقيل ان الرقاق من الخبز ربح قليل يتراءى كثيرا (وحكي) ان رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت كأن في يدي رقاقتين آكل من هذه ومن هذه فقال أنت رجل تجمع بين الأختين والقرص ربح قليل والرغيف ربح كثير وأما المائدة فقد روي أن بعضهم رأى كأن هاتفا يسمع صوته ولا يرى شخصه يتلو هذه الآية {اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء} فقص رؤياه على معبر فقال انك في عسر وتدعو الله تعالى بالفرج واليسر فيستجيب لك فكان كما قال واختلف المعبرون في تفسير المائدة فمنهم من قال المائدة رجل شريف سخي والقعود عليها صحبته والأكل منها الانتفاع منه فإن كان معه على تلك المائدة رجال فإنه يواخي قوما على سرور ويقع بينه وبينهم منازعة في أمر معيشة له والرغفان الكثيرة الصافية والطعام الطيب على المائدة دليل على كثرة مودتهم ومنهم من قال المائدة هي الدين (وقد روي) ان رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت البارحة مرجا أخضر فيه مائدة منصوبة ومنبر موضوع له سبع درجات ورأيتك يا رسول الله ارتقيت السابعة وتنادي عليها وتدعو الناس إلى تلك المائدة فقال صلوات الله عليه وسلامه أما المائدة فالإسلام والمرج الأخضر فالجنة والمنبر سبع درجات فبقاء الدنيا سبعة آلاف سنة مضت منها ستة آلاف سنة وصرت في السبعة والنداء فإنا ادعوا الخلق الى الجنة والإسلام ومنهم من قال المائدة مشورة يحتاج فيها إلى أعوان من عمارة بلدة أو عمارة قرية ومنهم من قال المائدة امرأة رجل (وحكي) أن بعضهم رأى كأنه يأكل على مائدة فكلما مد يده اليها خرجت يد كلب اشقر من تحت المائدة فأكل معه فقص رؤياه على معبر فقال ان صدقت رؤياك فإن غلاما من الصقالبة يشاركك في امرأتك ففتش عن الأمر فوجده كما قال وان رأى الارغفة بسطت على المائدة فإنه يظهر له عدو وإذا رأى أنه يأكل منها ظهرت المنازعة بينه وبين عدوه على قول بعض المعبرين وقيل ان اكل على المائدة اكلا كثيرا فوق عادته في مثلها دل ذلك على طول حياته بقدر اكله وان رأى أن تلك المائدة رفعت فقد نفذ عمره وقيل إذا رأى لونا أو لونين من الطعام فإنه رزق يصل اليه والى أولاده بدليل قوله عز وجل (أنزل علينا مائدة من السماء) وقيل المائدة غنيمة في خطر ورفعها انقضاء ذلك الغنيمة وقيل إنها مأكلة ومعيشة لمن كانت له وأكل منها فإن كان عليها وحده فإنه لا يكون لمه منازع وإن كان عليها غيره كان له اخوان مشاركون وكثرة الرغفان كثرة مودتهم وقلتها قلة مودتهم والرغيف مودة سنة فإن رأى أنه يفرش بطعام فهو استخفافه بنعمة الله تعالى ورأى مملوك كأن مائدة مولاه قد خرجت وهربت كما يهرب الحيوان فلما دنت إلى الباب انكسرت فعرض له من ذلك أن امرأة مولاه ماتت من يومها وتلف كل ما كان لها وكان ذلك بالواجب لأنه رأى المائدة التي يقدم عليها انكسرت . وأما السفرة فسفر جليل ينال فيه سعة وقيل هي سفر الى ملك عظيم الشأن وقيل سعة وراحة لمن وجدها لأنها معدن الطعام ولأكل والقصعة المتخذة من خشب تدل على اصابة مال في سفر والخزفية تدل على اصابته في حضر وأواني الفضة كلها خدم في التجارة والدار وخصوصا السكرجات وقيل القصاع والطاسات تدل على الجمال في تدبير معاش الانسان والقدر قيم دار كثيرة الانفاق وقيل هو امرأة اعجمية فمن رأى أنه طبخ قدرا فإنه ينال مالا عظيما من قبل السلطان أو ملك أعجمي واللحم والمرقة في القدر رزق شريف مفروغ منه مع كلام وشرب والمغرفة قهرمان محسن يجري على يديه نفقة أهله والاثفية نفس الرجل فكما أن قوام القدر بالاثافي فكذلك قوام الانفس بالمال والبزما رد مال هنئ لذيذ مجموع بغير كد والكواميخ كلها هموم وخصوم فمن أكل منها أصابه هم وان رآها ولم يآكل منها ولم يمسها فإنه مال يخسر عليه

۞ (ومن رأى) أنه يشرب الزيت فإنه يدل على سحر أو مرض والخل مال مبارك في ورع وقلة لهو وطول حياة لمن أكله بالخبز والدردي منه مال ساقط قليل المنفعة ذو وهن وسكرجة الخل جارية وخيمة وقيل إذا رأى الانسان كأنه يشرب الخل فإنه يعادي أهل بيته وذلك للقبض الذي يعرض منه للفم والمري مرض والصفن هم وحزن مع خصومة منفعة قليلة وأما الملح فقد اختلف فيه فمنهم من قال ان الأبيض منه زهد في الدنيا وخير ونعمة وكرهه ابن سيرين وقيل ان المبرز منه هم وشغل وشغب ومرض ودراهم فيها هم وتعب ومن أكل الخبزبه فقد اقتنع من الدنيا بشئ يسير والمملحة جارية ملحة وقيل من وجد ملحا وقع في شدة أو مرض شديد فإما اللحوم فإوجاع واسقام وابتياعها مصيبة والطري منها موت وأكلها غيبة لذلك الرجل الذي ينسب اليه الحيوان والمملح من لحوم الشاء إذا دخل الدار فهو خير يأتي اهلها بعد مصيبة كانت قبل بقدر مبلغه والسمين منه خير من الهزيل وان كان من غير لحم الشاء فهو رزق قد خمد ذكره وقيل الهزيل رجل فقير وقيل هو خسران والقديد غنيمة في اغتياب الأموات وقيل من أكل اللحم المهزول المملح نال نقصانا في ماله ولحم الابل مال يصيبه من عدو قوي ضخم ما لم يمسه صاحب الرؤيا فإن مسه أصابه من قبل رجل ضخم قوي عدو فإن أكله مطبوخا أكل مال رجل ومرض مرضا ثم برئ وقيل من أكله نال منفعة من السلطان وأما لحم البقر فإنه يدل على تعب لأنه بطئ الإنهضام ويدل على قلة العمل لغلظه وقيل لحم البقر إذا كان مشويا أمان من الخوف وان كان امرأة صاحب الرؤيا حاملا فإنها تلد غلاما لقوله تعالى (فجاء بعجل حنيذ) إلى أخر القصة وكل شئ أصابته النار في اليقظة فهو في النوم رزق فيه اثم

۞ (ومن رأى) في النوم كأنه يأكل لحم ثور فإنه يقدم إلى حاكم والعجل السمين الحنيذ بشارة كبيرة سريعة وتكون البشارة على قدر سمنه وقيل انه رزق وخصب ونجاة من الخوف والمطبوخ من لحم البقر فضل يصير إلى صاحب الرؤيا حتى يجب لله تعالى فيه الشكر لقوله تعالى (وجفان كالجواب وقدور راسيات اعملوا آل داود شكورا) ولحم الضأن إذا كان مشويا مسلو خافر آه في بيته دلت رؤياه على اتصاله بمن لا يعرفه أو يعمل ضيافة لمن لا يعرفه أو يستفيد اخوانا يسر بهم فإن كان المسلوخ مهزولا دل على أن الاخوان الذين استفادهم فقراء لا نفع في مواصلتهم وان رأى في بيته مسلوخة غير مشرحة فإنها مصيبة تفجؤه فإن كانت سمينة فهو يرث من الميت مالا وان كانت مهزولة لم يرثه وقيل لحم الضأن إذا كان مطبوخا فهو مال في تعب كحال النار وإذا كان نيئا فهم وخصومة والفج غير النضيج هموم وبغي ومخاصمات والعظام من كل حيوان عماد لما ملكته ايمانهم والمخ من كل حيوان مال مكنوز مدخور يرجوه وقيل إن المسلوخ ردئ لجميع الناس ويدل على حزن يكون في بيت الرجل وذلك إن الكباش تشبه بالناس وليس تؤكل لحوم الناس وكل اللحوم التي تؤكل جيدة خلا اليسير منها وأما اللحم الذي يرى الانسان أنه يأكله نيئا فهو ردئ أبدا ويدل على هلاك شئ يملكه وذلك أن طبيعته لا تقوى على انئ وهضمه وقال بعض المفسرين انما اللحم النئ ردئ لمن يراه ولا يأكله فأما من أكله فهو صالح له فإن رأى أنه أكل لحما مطبوخا ازداد ماله فإن رأى أنه يأكل مع شيخ ارتفع أمره عند السلطان وأما الجمل المشوي فقد اختلف فيه فمنهم من قال ان كان سمينا فهو مال كثير وان كان مهزولا فمال قليل ورزق في تعب وقال بعضهم أن الجمل المشوي أمان من الخوف وقال بعضهم الجمل المشوي ابن فإن رأى أنه يأكل منه رزق ابنا يبلغ ويأكل من كسب نفسه وان كان نضيجا رزق ولده الأدب وإن لم يكن نضيجا لم يكن كيسا في عمله وقيل ان أكل شواء السوق بشارة فإن لم يكن نضيجا فهو حزن يصيبه من جهة ولده

۞ (ومن رأى) كأن ذراع الشواء كلمه فإنه ينجو من الهلكة لقصة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الذراع المسممة التي كلمته وأما الرأس التنوري فرئيس فمن رأى كأنه اشترى رأسا سمينا كبيرا من رأس استفاد أستاذا نافعا وان كان مهزولا فإنه غير نافع فإن كان الرأس منتنا فإنه يثنى عليه ثناء قبيحا وأكل رءؤس الأنعام نيئة دليل على أنه يغتاب رئيسا ينسب إلى ذلك الحيوان وأكل المطبوخ والمشوي من الرؤوس وانتفاع من بعض الرؤساء بمال وقال بعض المعبرين من رأى كأنه يأكل راس غنم وكراعه أصاب جاها ومالا من ارث أو غيره وقال رأس الشاة في التأويل مال وهو عشرة آلاف درهم أكثرها وأقلها ألف درهم وأكل عيون رأس المشوي أكل عيون أموال الرؤساء وأكل الدماغ أكل من صلب المال ومن مال مدفون فإن رأى كأنه يأكل من دماغه أو دماغ غيره فإنه يأكل من صلب ماله أو مال غير المدخور فإن أكل مخ ساقه أكل مخ ماله وأكل الأكارع مختلف فيه فمنهم من قال إنه مال اليتامى ومنهم من قال هو أكل أموال كبراء الناس لأن الكراع مال والغنم دليل على كبراء الناس وأكل جلد الحمل المسلوخ أكل مال يتيم وأكل الكبد نيل قوة ومنفعة من جهة الولد وأكل الأمعاء صحة جسم وخير والمصير المحشو من اللحم هو مال مدخور وما كان فيه فإنه مال من قبل النساء ولحوم الطير إذا كانت مطبوخة أو مشوية رزق ومال من مكر وغدر من جهة امرأة فإن كان غير نضيج فإنه يغتاب امرأة ويظلمها فإن رأى كأنه يأكل لحم مالا يحل أكله فإنه يأكل من أموال قوم ظلمة مكرة وقيل ان أكل لحم الدجاج والإوز يدل على منفعة تكون من قبل أصحاب الرهن من الرجال وفراخ الطير مشويا أو مقليا مال في تعب فمن رأى أنه يأكل فرخا نيئا فهو يغتاب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أشراف الناس فإن كانت فراخ طيور شتى مما لا يؤكل لحمه من سباع الطير فإنه يغتاب أولاد السلاطين أو يرتكب منهم فاحشة والطيور التي يؤكل لحمها فإنها استفادة مال من ضيعة ألف درهم إلى ستة آلاف درهم لأنه لها ستة أعضاء رأس وجناحين ورجلين وذنب وأما السمك فقد حكي أن رجلا أتى ابن سيرين فقال رأيت كأن على مائدتي سمكة آكل أنا وخادمي منها من ظهرها وبطنها قال فتش خادمك فإنه يصيب من أهلك ففتش خادمه فإذا هو رجل والسمك المالح المشوي سفر في طلب علم أوصحبة رئيس لقوله تعالى (نسيا حوتهما) ومن أصاب سمكة طرية مشوية فإنه يصيب غنيمة وخيرا لقصة مائدة عيسى عليه السلام والسمك المشوي قضاء حاجة او إجابة دعوى ورزق واسع ان كان الرجل تقيا وإلا كانت عقوبة تنزل عليه فإن رأى أنه مرغ صغار السمك في الدقيق وقلاها بالدهن فإنه ينفق ماله في شئ لا قيمة له حتى يصير له قيمة ويصير لذيذا شريفا وقيل السمك محمود وخاصة المشوي منه ما خلا السمك الصغار فإن شوكها أكثر من لحمها ويدل على عداوة بينه وبين أهل بيته ويدل على رجاء شئ لاينال وأكل السمك المالح يدل على خير ومنفعة في ذلك الوقت وأما ذوق الأشياء فيختلف تأويله حسب اختلاف الأحوال فإن رأى كأنه ذاق شيئا فاستلذه واستطابه فإنه ينال الفرح والنعمة لقوله تعالى (وإذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها) فإن رأى كأنه ذاق شيئا فوجد له طعما مرا فإنه يطلب شيئا يصيبه منه أذى فإن رأى كأنه ابتلع طعاما حارا خشنا دل على تنغيص عيشته ومعيشته وأكل الشئ اللذيذ طيب العيش والمعيشة فإن رأى أنه ذاق شيئا مجهولا فكره طعمه دل على الموت لقوله تعالى (كل نفس ذائقة الموت) وإن رأى أنه ذاق شيئا لم يكرهه ولم يستطبه دل على فقر وخوف وأكل الشئ المنتن ثناء قبيح وان دخل في فيه شئ مكروه فهو شدة كره في معيشته وإن دخل شئ طيب الطعم لين محبوب سهل السملك في حلقه فهو طيب المعيشة وسهولة عمله فإن رأى في فمه طعاما كثيرا وفيه سعة لإضعافه تشوش أمره ودلت رؤياه على أنه قد ذهب من عمره قدر ذلك الطعام الذي في فيه وبقي من عمره قدر مافي فمه سعة له فإن رأى أنه عالج ذلك الطعام حتى تخلص منه سلم وان لم يتخلص منه فليتهيأ للموت

۞ (ومن رأى) أنه يتلمظ فهو طيبة نفسه والتلمظ مص اللسان والشعرة في اللقمة هم وحزن وعسر ولحس الأصابع نيل خير قليل من جنس ذلك الطعام الذي لحسه

۞ (ومن رأى) كأنه يشرب الطعام كما يشرب الماء اتسعت عليه معيشته وكل الطعام رزق خلا الهريسة والبيض والعصيدة فإنه غم من جهة أعماله في ذريته فإن رأى أنه يصلي ويأكل العصيدة فإنه يقبل امرأة وهو صائم وجامات الحلواء جوار ذات حلاوة وأما الطباهجة فمن رأى كأنه اتخذها ودعا إلى اكلها غيره فإنه يستعين بالذي يدعوه على قهر انسان فإن رأى كأنه يطعمه للناس فإنه ينفق مالا في طلب تجارة أو تعلم صناعة وأما الطعام الذي هو في غاية الحموضة حتى لا يقدر على أكله فهو مرض أو ألم لا يقدر معه على أكل ويدل أخذ الطعام الحامض من انسان على سماع الكلام القبيح فإن رأى كأنه يأخذه ويطعمه غيره فإنه يسمع ذلك المطعم مثله وان كان أكله أصاب حزنا أو مرضا وإذا رأى كأنه صبر على أكله وحمد الله تعالى عليه نال الفرج وأما السكباجة المطبوخة بلحم الغنم إذا تمت أبازيرها فإن أكلها يدل على طيب النفس وتمام العز والجاه عند سادات الناس وإذا كانت بلحم البقر دل أكلها على حياة طيبة ونيل مراد من جهة عمال وإذا كانت بلحم العصافير دل أكلها على ملك وقوة وصفاء عيش وصحة جسم وإن كانت بلحم الطيور فإنه تجارة أو ولاية على قوم أغنياء مذكورين على قدر كثرة الدسم وقلته وأما الزرباجة إذا كانت بلا زعفران فإنها نافعة وإذا كانت بالزعفران كانت مرضا لآكلها وكذلك كل ما كان فيه صفرة واما كل شئ فيه بياض من المطعومات وغيرها فإن أكلها بهاء وسرور إلا المخيض فإنه غم شديد لزوال الدسم عنه والمضيرة قليلة الضرر والكشك رزق في تعب ومرض والكشكية إن كان فيها دسم دل على تجارة دنيئة بمنفعة كثيرة والثريد إذا كان كثير الدسم فهو ولاية نافعة ودنيا واسعة وإذا كان بغير دسم فإنه ولاية بلا منفعة فإن رأى كأن بين يديه قصعة فيها ثريد يأكل منها فقد ذهب من عمره بقدر ما أكل منها وبقي من عمره بقدر ما بقي من الثريد فإن الثريد في الأصل يدل على حياة الرجل فإن رأى بين يديه قصعة فيها ثريد كثير الدسم حتى لا يمكنه أكلها دل على أنه يجمع مالا ويأكله غيره فإن رأى كأن بين يديه ثريدا لا دسم فيه وليس بطيب الطعم وهو يسرع في أكله حتى يستريح منه دلت رؤياه أنه يتمنى الموت من ضيق الحال فإن رأى كأن بين يديه ثريدا وهو لا يأكل منه مخافة أن ينفد فإنه يخشى الموت مع كثرة ماله من النعمة وان كانت ثريدة بلا دسم وبخل بلا لحم دل على حرفة نظيفة وورع فإن لم يكن فيها دسم البتة دل على حرفة دنيئة وافتقار فإن كانت الثريدة من مرقة طبخت بلحم بعض السباع فإن صابحها يلي قوما ظالمين على خوف منه وكراهية أو يكون بينه وبين قوم ظالمين تجارة وكون الدسم فيها دليل على تحريم منفعتها وان كانت بلا دسم فلا منفعة فيها فإن كانت الثريدة من مرقة طبخت بلحم الكلب دلت على ولاية دنيئة على قوم سفهاء أو تجارة دنيئة أو صناعة مع قوم سفهاء ذوي دناءة فإن رأى كأنه أكل الثريد كله فإنه يموت على ذلك الهوان والفقر وإذا كانت الثريدة من طبيخ سباع الطيور فإنها معالمة مع قوم ظلمة مكرة في مال حرام وعلى الجملة إن الثريد في الأصل حياة الرجل وكسبه ومعيشته ومنافعها على قدر دسمها وحلالها وحرامها على قدر جوهر لحمها وأما الأرزية فمال من خصومة وهم والنئ منه خسران ومرض وأما الحلويات والمطعومات في الأصل الذي إذا رأى الانسان كأنه أكلها دل على طيب الحياة والنجاة من المخاطرات ونيل السرور والفرج وقصب السكر تردد كلام يستحلي ويستطاب والسكرة الواحدة قبلى حبيب أو ولد والسكر الكبير يدل على قال وقيل وأما الشهد والعسل فمال من ميراث حلال أو مال من غنيمة أو شركة

۞ (ومن رأى) كأن بين يديه شهدا موضوعا دل على ان عنده علما شريفا فإن رأى كأنه يطعمه للناس فإنه يقرأ القرآن بين الناس بنغمة طيبة والعسل لأهل الدين حلاوة الايمان وتلاوة القرآن وأعمال البر ولأهل الدنيا إصابة غنيمة من غير تعب وانما قلنا إن العسل يدل على القرآن لأن الله عز وجل وصف كلامه بالشفاء (وحكي) عن ابن سيرين أنه قال الشهد رزق كثير يناله صاحبه من غير تعب لأن النار لم تمسه والعسل رزق قليل من وجه فيه تعب فإن رأى كأن السماء أمطرت عسلا دل على صلاح الدين وعموم البركة فإن رأى كأنه أكل الشهد وفوقه العسل فقد كرهه بعض المعبرين حتى فسره بنكاح الأم وبلغنا أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رأيت ظلة ينطف منها السمن والعسل والناس يلعقونها فمستكثر منها ومستقل فقال أبو بكر دعني اعبرها إنما هي القرآن وحلاوته ولينه والناس يأخذونه فمستكثر منه ومستقل وروي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت كأني في قبة من حديد وإذا عسل ينزل من السماء فيلعق الرجل اللعقة واللعقتين ويلعق الرجل اكثر من ذلك ومنهم من يحسو فقال أبو بكر رضي الله عنه دعني أعبرها يا رسول الله فقال أنت وذاك فقال أما قبة الحديد فالإسلام وأما العسل الذي ينزل من السماء فالقرآن وأما الذي يلعق اللعقة واللعقتين فالذي يتعلم السوة والسورتين وأما الذين يحسونه فالذين يجمعونه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت وروي أن عبد الله بن عمر قال يا رسول الله رأيت كأن اصبعي هاتين تقطران عسلا وانني ألعقهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقرأ الكتابين ورأى رجل كأنه يغمس خبزا في عسل ويأكله فصار محبا للعلم والحكمة فأنتفع بذلك وكثر ماله لان العسل دل على حسن علمه والخبز على يساره وأما الترنجبين فرزق طيب بلا منة أحد من المخلوقين بدليل قوله تعالى (وانزلنا عليكم المن والسلوى كلوا من طيبات ما رزقناكم) وأما التمر فقد روي أن عمر رأى كأنه أكل تمرا فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذلك حلاوة الايمان وأنواع التمر كثيرة والتمر لمن يراه يدل على المطر ولمن أكله رزق عام خالص يصير اليه وقيل إنه يدل على قراءة القرآن وقيل ان التمر يدل على مال مدخور ورؤيا اكل الدقل يكون للذميين وقيل من رأى كأنه يأكل تمرا جيدا فإنه يسمع كلاما حسنا نافعا

۞ (ومن رأى) كأنه يدفن تمرا فإنه يخزن مالا أو ينال من بعض الخزائن مالا
شارك الصفحة
البحث:
بحث جوجل المخصص: