كتاب تفسير الأحلام لإبن سيرين - صفحة: 1125
كتاب تفسير الأحلام لإبن سيرين - صفحة: 1125
۞ (وأما الرهن) فمن رأى كأنه رهينة في موضع فإن رؤياه تدل على أنه اكتسب ذنوبا كثيرة لقوله تعالى {كل نفس بما كسبت رهينة} وقيل ان المرهون مأمور فإن رأى كأنه رهن عنده رهن فإنه يظلم في شئ ويبخس حقه ثم يصل الى حقه بسبب الراهن الذي رهن عنده الرهن والمرهون مأسور بذنب او دين عند المرتهن وكذلك الراهن حتى يفك رهنه
۞ (واما الاجارة) فإن المستأجر رجل يخدع صاحب الاجارة ويغره ويحثه على أمر مضطرب وإذا انخدع له تبرأ منه وتركه في الهلكة
۞ (وأما الشركة) فهي دليل على الانصاف فمن رأى كأنه شارك رجلا فإن كل واحد منهما ينصف صاحبه في أمر يكون بينهما فإن رأى كأنه شارك شيخا مجهولا فإنه جده ويدل على أنه ينال انصافا في تلك السنة ممن كانت بينه وبينه معاملة وان رأى كأنه شارك شابا مجهولا فإنه يجد من عدوه الانصاف مع خوفه من بليته وظلمه وأذيته
۞ (وأما الوديعة) فمن رأى كأنه أودع رجلا سره فإنه سره وقيل ان المودع غالب والمودوع مغلوب وأما العارية فمن رأى كأنه استعار شيئا أو اعاره فإن كان ذلك الشئ محبوبا فإنه ينال خيرا لا يدوم فإن كان مكروها أصابته كراهية لا تدوم وذلك ان العارية لا بقاء لها وقيل من استعار من رجل دابة فإن المعير يحتمل مؤنة المستعير
۞ (وأما القرض) فمن رأى أنه يقرض الناس لوجه الله تعالى فإنه ينفق مالا في الجهاد لقوله تعالى {ان تقرضوا الله} الآية وأما الضمان فمن رأى كأنه ضمن عن انسان شيئا لرجل فإنه يعلمه أدبا من آداب ذلك الرجل
۞ (وأما الكفالة) فقد قيل انها تجري مجرى القيد في التأويل وتدل على الثبات في الأمور وسواء في ذلك الكافل والمكفول وقيل من تكفل لانسان فقد أساء اليه فإن رأى كان انسانا تكفل به فإنه يرزق رزقا جليلا لقوله تعالى {وكفلها زكريا} الآية فإن رأى كأنه تكفل صبيا فإنه ينصح عدوا لقوله تعالى {يكفلونه لكم وهم له ناصحون}
۞ (وأما قضاء) الدين فمن رأى كأنه قضى دينا أو أدى حقا فإنه يصل رحما أو يطعم مسكينا وييسر عليه أمر متعذر من أمور الدين أو أمور الدنيا وقيل ان اداء الحق رجوع عن السفر كما أن الرجوع عن السفر اداء للحق
۞ (وأما الامهال) فيدل على العذاب لقوله تعالى {فمهل الكافرين أمهلهم رويدا} وان رأى كأنه أمهل رجلا في غضب فإنه يعذبه عذابا شديد.
رؤيا المنازعات والمخاصمات وما يتصل بها من البغي والبغض والتهدد والجور والحسد والخداع والخصومة والنقب والرفس والضرب والخدش والرضخ والرجم والسب والسخرية والصفع والعداوة والغيبة والغيظ والغلبة واللطم والمقارعة والمصارعة والذبح
۞ أما البغض فغير محمود لأن المحبة نعمة من الله تعالى والبغض ضدها وضد النعمة الشدة وقد ذكر الله تعالى منته على المؤمنين برفع العداوة الثبتة بينهم بمحبة الإسلام فقال الله تعالى {إذ كنتم أعداء فألف بين قلوبكم فأصبحتم بنعمته اخوانا} والبغي على الباغي والمبغى عليه منصور لقوله تعالى {انما بغيكم على أنفسكم} وقال تعالى {ثم بغي عليه لينصرنه الله} والتهدد ظفر للمتهدد بالمتهدد وأمن له وأمان
۞ (ومن رأى) كأن بعض الناس يجور على بعض فإنه يتسلط عليهم سلطان جائر وأما الحسد فهو فساد للحاسد وصلاح للمحسود وأما الخداع فإن الخادع مقهور والمخدوع منصور لقوله تعالى {وان يريدوا أن يخدعوك فإن حسبك الله} والخصومة المصالحة فمن رأى أنه خاصم خصما صالحه والخيانة هي الزنا والنقب في البيت مكر فإن رأى كأنه نقب في بيت وبلغ فإنه يطلب امرأة ويصل اليها بمكر فإن رأى كأنه نقب في مدينة فإنه يفتش عن دين رجل عالم لقول النبي صلى الله عليه وسلم: أنا مدينة العلم وعلى بابها.فان رأى كأنه نقب في صخرة فانه يفتش عن دين سلطان قاس وأما الرفس فمن رأى كأن رجلا يرفسه برجله فانه يعيره بالفقر ويتصلف عليه بغناه وأما الضرب فانه خير يصيب المضروب على يد الضارب إلا أن يرى كأنه يضربه بالخشب فانه حينئذ يدل على انه يعده خيرا فلا يفي له به
۞ (ومن رأى) كأن ملكا يضربه بالخشب فانه يكسوه وإن ضربه على ظهره فانه يقضى دينه وإن ضربه على عجزه فانه يزوجه وإن ضربه بالخشب أصابه منه ما يكره وقيل إن الضرب يدل على التغيير وقيل إن الضرب وعظ
۞ (ومن رأى) كأنه يضرب رجلا على رأسه بالمقرعة وأثرت في رأسه وبقي أثرها عليه فانه يريد ذهاب رئيسه فان ضربه في جفن عينه فانه يريد هتك دينه فان قلع أشفار جفنه فانه يدعوه إلى بدعة فان ضرب جمجمته فانه قد بلغ في تغييره نهايته وينال الضارب بغيته فان ضربه على شحمة أذنه أو شقها أو خرج منها دم فانه يفترع ابنة المضروب وقيل ان كل عضو من أعضائه يدل على القريب الذي هو تأويل ذلك العضو وقال بعض المعبرين ان الضرب هو الدعاء فمن رأى أنه يضرب رجلا فانه يدعو عليه فان ضربه وهو مكتوف فانه يكلمه بكلام سوء ويثني عليه بالقبيح والخدش والطعن والكلام وأما الرضخ فمن رأى كأنه يرضخ رأسه على صخرة فانه ينام ولا يصلى العتمة لما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما الرجم فمن رأى كأنه يرجم انسانا فانه يسب ذلك الانسان وأما السب فهو القتل وأما السخرية فهي الغبن فمن رأى كأنه سخر به فانه يغبن وأما الصفع إذا كان على جهة المزاج فاتخاذ يد عند المصفوح وأما العداوة فمن رأى كأنه يعادي رجلا فانه يظهر بينهما مودة لقوله تعالى {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مودة} والغيبة راجعة بمضرتها إلى صاحبها فان اغتاب رجلا بالفقر ابتلى بالفقر وان اغتابه بشئ آخر ابتلى بذلك الشئ وأما الغيظ فمن رأى كأنه مغتاظ على انسان فان أمره يضطرب وماله يذهب لقوله تعالى {ورد الله الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا} فان غضب على انسان من أجل الدنيا فانه رجل متهاون بدين الله وإن غضب لأجل الله تعالى فانه يصيب قوة وولاية لقوله تعالى {ولما سكت عن موسى الغضب} الآية وأما الغالب في النوم فمغلوب في اليقظة واما اللطم فمن رأى كأنه يلطم انسانا فانه يعظه وينهاه عن غفلة واما المقارعة فمن رأى كأنه يقارع رجلا فأصابته القرعة فانه يظفر به ويغلبه في أمر حق فان وقعت القرعة ناله هم وحبس ثم يتخلص لقوله تعالى {فساهم فكان من المدحضين} وأما المصارعة فان اختلف الجنسان فالصارع أحسن حالا من المصروع كالإنسان والسبع فان كانت المصارعة من رجلين فالصارع مغلوب وأما الذبح فعقوق وظلم.
ذكر أنواع شتى في التأويل لايشاكل بعضها بعضا
۞ الهدية خطبة فمن رأى انه أهدى إلى أحد هدية أو أهدى اليه شئ خطبت اليه ابنته أو امرأة من أقربائه وحصل النكاح لقوله تعالى {واني مرسلة اليهم بهدية فناظرة بم يرجع المرسلون} فكانت بلقيس مرسلة بالهدية وكان سليمان خاطبا لها وقيل ان الهدية المحبوبة تدل على وقوع صلح بين المهدي والمهدى اليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :تهادوا تحابوا. وأما استراق السمع فهو كذب ونميمة لقوله تعالى {يلقون السمع وهم؟؟ أكثرهم؟؟ كاذبون) ويقضي ان يصيب مسترق السمع مكروه من جهة السلطان لقوله تعالى {إلا من استرق السمع فأتبعه شهاب مبين} وأما الاستماع فمن رأى كأنه يستمع فانه ان كان تاجرا استقال من عقدة بيع وإن كان واليا عزل لقوله تعالى{إنهم عن السمع لمعزولون} فان رأى كأنه يتسمع على انسان فانه يريد هتك ستره وفضيحته
۞ (ومن رأى) كأنه يستمع أقاويل ويتبع أحسنها فانه ينال بشارة لقوله تعالى {فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه} فان رأى كأنه يستمع ويجعل نفسه انه لا يسمع فانه يكذب ويتعود ذلك لقوله تعالى {يسمع آيات الله تتلى عليه ثم يصر مستكبرا كأن لم يسمعها فبشره بعذاب أليم} وأما الاختيار فمن رأى كأنه مختار في قومه فانه يصيب رياسة لقوله تعالى {وربك يخلق ما يشاء ويختار} أما اخراج الرجل من مستقره فانه يدل على نجاته من الهموم (وحكي) ان رجلا أتى بعض المعبرين فقال رأيت كأن جيراني أخرجوني من داري فقال له المعبر ألك عدو قال نعم قال وأنت في حزن قال نعم قال البشارة فان الله تعالى ينجيك من شر كل عدو ويفرج عنك كل هم وحزن لقوله تعالى في قوم لوط {أخرجوا آل لوط من قريتكم انهم أناس يتطهرون فأنجيناه وأهله} وأما البرهان فمن رأى في منامه كأنه يأتي ببرهان على شئ فإنه في خصومة مع انسان والحجة له عليه فيها لقوله تعالى {هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين} واما التدلي فمن رأى كأنه تدل من سطح إلى أرض بحبل فإنه يتورع في جميع أحواله يترك طلب حاجاته استعمالا للورع فإن رأى أنه يسقط من سطح إلى أرض فإنه يقنط من رجل كان يأمله أو يسقط من مرتبته بسبب كلام يتكلم به فإن رأى كأنه في سقوطه وقع في وحل فإنه يترك أمرا من أمور الدين أو امور الدنيا وأما التعزية فمن رأى كأنه عزى مصابا نال امنا لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من عزى مصابا فله مثل أجره. وأن رأى كأنه عزى نال بشارة لقوله تعالى {وبشر الصابرين} وأما تغيير الاسم فمن رأى كأنه يدعى بغير اسمه فإن دعي باسم قبيح فإنه يظهر به عيب فاحش أو مرض فادح فإن دعى باسم حسن مثل محمد أو علي أو سعيد نال عزا وشرفا وكرامة على حسب ما يقتضيه معنى ذلك الاسم وأما تزكية المرء نفسه فإنها تدل على اكتسابه اثما لقوله تعالى {فلا تزكوا أنفسكم هو أعلم بمن اتقى} فإن رأى كأن شابا مجهولا يزكيه فإنه يصيب ذكرا حسنا جميلا في عامة الناس وإن كان الشيخ والشاب معروفين نال بسببهما رياسة وعزا واما الملق فمن رأى كأنه يتملق انسانا في شئ من متاع الدنيا فذلك مكروه وإن رأى كأنه يتملق له في علم يريد أن يعلمه اياه وعمل من أعمال البر يستعين به عليه فإنه ينال شرفا ويصح دينه ويدرك طلبته لما روى في الآثار ان الملق ليس من أعمال المؤمن إلا في طلب العلم وقيل ان الملق لمن تعود ذلك في أحواله غير مكروه في التأويل ولمن يتعود ذلك ذلة ومهانة واما التوديع فمن رأى كأنه يودع امرأته فإنه يطلقها وقيل ان التوديع يدل على مفارقة المودع بموت أو غيره من أسباب الفراق ويدل على افتراق الشريكين وعزل الوالي وخسران التاجر وقال بعضهم ان التوديع محبوب في التأويل وهو يدل على مراجعة المطلقة ومصالحة الشريك وربح التاجر وعود الولاية إلى الوالي وبرء المريض وذلك لأنه من الوداع ولفظه يتضمن الوداع وهو الدعة والراحة وأيضا فإن الوداع إذا قلب صار عادوا وأنشد: إذا رأيت الوداع فافرح * ولا يهمك البعاد وانتظر العود عن قريب * فإن قلب الوداع عادوا
۞ وأما التواري فقد اختلفوا في تأويله فمنهم من قال ان من رأى أنه توارى فإنه تولد له بنت لقوله تعالى {يتوارى من القوم} وقال بعضهم من رأى كأنه توارى في بيت فإنه يفر لقوله تعالى {إن بيوتنا عورة وما هي بعورة إن يريدون إلا فرارا} وأما النورة فقد حكي ان قتيبة ابن مسلم رأى بخراسان كأنه نور جسده فحلقت النورة الشعر حتى انتهت الى عورته فلم تحلقها فرفعت رؤياه الى ابن سيرين فقال انه يقتل ولا يوصل الى عورته يعني حرمه فكان الأمر كما عبر والتنور في موضع السنة إذا ذهب بشعر العانة دليل على الفرج فإذا لم يذهب بشعر العانة فدليل ركوب الدين وزيادة الحزن وأما التهاون فمن رأى في منامه كأنه تهاون بمؤمن في دينه يختل ويقنط من رجل يرجوه هو وتستقبله ذلة