كتاب تفسير الأحلام لإبن سيرين - صفحة: 780

كتاب تفسير الأحلام لإبن سيرين - صفحة: 780



۞ (الحمام) يدل على المرأة لحل الإزار عنده ويأخذ الانسان معه مع خروج عرقه لنزول نطفته في الرحم وهو كالفرج وربما دل على دور أهل النار وأصحاب الشر والخصام والكلام كدور الزناة والسجون ودور الحكام والجناة لناره وظلمته وجلبه أهله وحسن أبوابه وكثرة جريان الماء فيه وربما دل على البحران والاسقام وعلى جهنم ممن رأى نفسه في حمام أو رآه غيره فيه فإن رأى فيه ميتا فإنه في النار والحميم لأن جهنم ادراك وأبواب مختلفة وفيها الحميم والزمهرير وان رأى مريض ذلك نظرت في حاله فإن رأى أنه خارج من بيت الحرارة الى بيت الطهر وكانت علته في اليقظة حرا انجلت عنه فإن اغتسل وخرج منه خرج سليما وان كانت علته بردا تزايدت به وخيف عليه فإن اغتسل مع ذلك ولبس بياضا من الثياب خلاف عادته وركب مركوبا لا يليق به فإن ذلك غسله وكفنه ونعشه وان كان ذلك في الشتاء خيف عليه الفالج وان رأى اه دخل في بيت الحرارة فعلى ضد ما تقدم في الخروج يجري الاعتبار ويكون البيت الأوسط لمن جلس فيه من المرضى دالا على توسطه في علته حتى يدخل أو يخرج فأما نكسة أو افافة وان كان غير مريض وكانت له خصومة أو حاجة في دار حاكم أو سلطان أو جاب حكم له وعليه على قدر ما ناله في الحمام من شدة حرارته أو برده أو زلق أو رش فإن لم يكن شئ من ذلك وكان الرجل عزبا تز وج أو حضر في وليمة أو جنازة وكان فيها من الجلبة والضوضاء والهموم والغموم كالذي يكون في الحمام وإلا ناله عنه سبب من مال الدنيا عند حاكم لما فيه من جريان الماء والعرق وهي أموال وربما دل العرق خاصة على الهم والتعب والمرض مع غمة الحمام وحرارته فإن كان فيه متجردا من ثيابه فالأمر مع زوجته ومن أجلها وناحيتها وناحية أهلها يجري عليه ما يؤذن الحمام به فإن كان فيه بأثوابه فالأمر من ناحية أجنبية أو بعض المحرمات كالأم والابنة والأخت حتى تعتبر أحواله أيضا وتنقل مراتبه ومقاماته ومالقيه أو يلقاه بتصرفه في الحمام وانتقاله فيه من مكان إلى مكان وان رأى أنه دخل من قناة أو طاقة صغيرة في بابه أو كان فيه أسد أوسباع أو وحش أو غربان أو حيات فإنها امرأة يدخل اليها في زينة ويجتمع عندها مع أهل الشر والفجور من الناس وقال بعضهم الحمام بيت أذى ومن دخله أصابه هم لا بقاء له من قبل النسا والحمام اشتق من اسمه الحميم فهو حم والحم صهر أو قريب فإن استعمل فيه ماء حارا أصاب هما من قبل النساء وان كان مغموما ودخل الحمام خرج من غمه فإن اتخذ في الحمام مجلسا فإنه يفجر بامرأة ويشهر بأمره لأن الحمام موضع كشف العورة فإن بنى حماما فإنه يأتي الفحشاء ويشنع عليه بذلك فإن كان الحمام حارا لينا فإن أهله وصهره وقرابات نسائه موافقون مساعدون له مشفقون عليه فإن كان باردا فإنهم لا يخالطونه ولا ينتفع بهم وإن كان شديد الحرارة فإنهم يكونون غلاظ الطباع لا يرى منهم سرورا لشدتهم وقيل ان رأى أنه في البيت الحار فإن رجلا يخونه في امرأته وهو يجهد أن يمنعه فلا يتهيأ له فإن امتلأ الحوض وجرى الماء من البيت الحار الى البيت الأوسط فإنه يغصبه على امرأته وان كان الحمام منسوبا الى غضارة الدنيا فإن كان باردا فإن صاحب الرؤيا فقير قليل الكسب لا تصل يده الى ما يريد وان كان حارا لينا واستطابه فإن أموره تكون على محبة ويكون كسوبا صاحب دولة يرى فيها فرحا وسرورا وان كان حارا شديد الحرارة فإنه يكون كسوبا ولا يكون له تدبير ولا يكون له عند الناس محمدة وقيل من رأى أنه دخل حماما فهو دليل الحمى النافض فإن رأى أنه شرب من البيت الحار ماء ساخنا أو صب عليه أو اغتسل به على غير هيئة الغسل فهو هم وغم ومرض وفزع بقدر سخونة الماء وان شربه من البيت الاوسط فهي حمى صالبة وان شربه من البيت البارد فهو برسام فإن رأى أنه اغتسل بالماء الحار وأراد سفرا فلا يسافر فإن كان مستجيرا بانسان يطلب منفعته فليس عنده فرج لقوله تعالى (وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل) فإذا اجتمع الحمام والاغتسال والنورة فخذ بالاغتسال والنورة ودع الحمام فإن ذلك أقوى في التأويل فإن رأى في محلة حماما مجهولا فإن هناك امرأة يغتابها الناس وقال بعضهم من رأى كأنه يبني حماما قضيت حاجته (وحكي) ان رجلا رأى كأنه زلق في الحمام فقصها على معبر فقال شدة تصيبك فعرض له انه زلق في الحمام فانكسرت رجله والاتون امر جليل على كل حال وسرور فمن رأى أنه يبني اتونا فإنه ينال ولاية وسلطانا وان لم يكن متحملا فإنه يشغل الناس بشئ عظيم

۞ (الفرن) المعروف دال على مكان معيشة صاحبه وغلته ومكسبه كحانوته وفدانه ومكان متجره لما يأوي اليه من طعام وما يوقد فيه من النار النافعة وما يرى فيه من زكاة الحنطة المطحونة وريعها وطحن الدواب والأرحية وخدمتها وربما دل على نفسه فما جرى عليه من خير أو شر أو زيادة أو نقص أو خلاء أو عمارة عاد عليه أو على مكان مكسبه وغلته واما الفرن المجهول فربما دل على دار السلطان ودار الحاكم لما فيه من وقيد النار والنار سلطان يضر وينفع ولها كلام وألسنة وانا العجين والحنطة التي يجبى اليه من كل مكان وكل دار فهي كالجبايات والمواريث التي تجبى إلى دار السلطان وإلى دار الحاكم ثم يردونها ارزاقا والدواب كالابناء والأعوان والوكلاء وكذلك الواح الخبز وربما دل على الفسوق لان ارزاق الخلق ايضا تساق اليها ويكون فيها الربح كرماده المطحون والخسارة كنعص المخبوز والحرام والكلام للنار التي فيه فمن بعث بحنطة او شعير الى الفرن المجهول ان كان مريضا مات ومضى بماله الى القاضي وان لم يكن مريضا وكان عليه عشر للسلطان او كراء او بقية من مغرم أو نحو ذلك أدى ما عليه وإلا بعث بسلعة الى السوق فإن كان المطحون والمبعوث به الى الفرن شعيرا أتاه في سلعته قريب من رأس ماله وان كانت حنطة ربح فيها ثلثا للدينار أو ربعا أو نصفا على قدر زكاتها ان كان قد كالها أو وقع في ضميره شئ منها

۞ (الرحى) الطاحون تدل على معيشة صاحبها وحانوته وكل من يتعيش عنده أو كل من يخدمه ويصلح طعامه وينكحه من زوجة أو أمة وربما دلت على السفر لدورانها وربما دلت على الوباء والحرب لسحقها والعرب والشعراء كثيرا يعبرون بها عنها فمن اشترى رحى تزوج ان كان عزبا أو زوج ابنته أو ابنه أو اشترى خادما للوطء أو للخدمة أو سافر إذا كان من أهل السفر وان كان فقيرا استفاد ما يكتفى به لأن الرحى لا يحتاج اليها إلا من عنده ما يطحنه فيها وأما من نصب رحى ليطحن فيها للناس على ماء أو بحر أو غيره فإنه يفتح دكانا أو حانوتا ان لم يكن له حانوت ويدر فيه رزقه ان كان قد تعذر عليه أو جلس للناس بمساعدة سلطان لحكومة أو منفعة أو أمانة وكان له حس في الناس وأما من تولى الطحن بيده فإنه يتزوج أو يتسرى أو يجامع لأن الحجرين كالزوجين والقطب كالذكر والعصمة وان كانت بلا قطب كان الجماع حراما وقد تكون امرأتين يتساحقان فإن لم يكن عنده شئ من ذلك فلعله يتوسط العقد بين زوجين أو شريكين أو يسافر في طلب الرزق واما الرحى الكبيرة إذا رؤيت في وسط المدينة أو في الجوامع فإن كانت بلد حرب كان حربا سيما ان كانت تطحن نارا أو صخرا وإلا كانت طاحونا سيما ان كان المطحون شعيرا معفونا أو ماء وطينا ولحاء هزيلا وقال بعضهم الرحى على الماء رجل يجري على يديه اموال كثيرة سائس للأمور ومن التجأ اليه حسن جده فمن رأى رحى تدور عليه در عليه خير بمقدار الدقيق ومجرى الماء الذي يدخل إلى الرحى من جهة هذا المذكور وربما كانت الرحى إذا دارت سفرا فغن دارت بلا حنطة فهو شغب والرحى إذا دارت معوجة يغلو الطعام ورحى اليد رجلان قاسيان شريكان لا يتهيأ لغيرهما اصلاحهما (وحكي) أن رجلا رأى كأن رحى تدور بغير ماء فقص رؤياه على معبر فقال قد تقارب اجلك ورحى الريح خصومة لا بقاء لها وانكسار الرحى مختلف في تأويله فمنهم من قال تدل على فرج صاحبها من الهموم ومنهم من قال تدل على موت صاحبها

۞ (ومن رأى) له رحى تطحن اصاب خيرا من كد غيره والرحى تدل على الحرب لقول العرب فيها رحى الحرب

۞ (السوق) تدل على المسجد كما يدل المسجد على السوق لأن كليهما يتجر فيه ويربح وقد يدل على ميدان الحرب الذي يربح فيه قوم ويخسر فيه قوم وقد سمى الله تعالى الجهاد تجارة في قوله (هل أدلكم على تجارة تنجيكم) فأهل الأسواق يجاهد بعضهم بعضا بأنفسهم واموالهم وربما دلت على مكان فيه ثواب وأجر وربح كدار العلم والرباط وموسم الحج ومما يباع في السوق يستدل على ما يدل عليه وكل ذلك ما كانت السوق مجهولة فسوق اللحم أشبه شئ بمكان الحرب لما يسفك فيه من الدماء وما فيه من الحديد وسوق الجوهر والز أشبه شئ بحلق الذكر ودور العلم وسوق الصرف أشبه شئ بدار الحاكم لما فيها من تصاريف الكلام والوزن والميزان فمن رأى نفسه في سوق مجهولة قد فاتته فيها صفقة أو ربح في سلعة فإن كان في اليقظة في جهاد فاتته الشهادة وولى مدبرا وان كان في حج فاته أو فسد عليه وان كان طالبا للعلم تعطل عنه أو فاته فيه موعدا وطلبه لغير الله تعالى وان لم يكن في شئ من ذلك فاتته صلاة الجماعة في المسجد وأما من يسرق في سوقه في بيعه وشرائه فإن كان مجاهدا غل وان كان حاجا محرما اصطاد وجامع أو تمتع وان كان عالما ظلم في مناظرته أو خان في فتاويه وإلا راءى بصلاته او سبق إمامه فيها بركوعه أو سجوده أو لم يتم هو ذلك في صلاة نفسه لأن ذلك أسوأ السرقة كما في الخبر وأما السوق المعروفة فمن رآها عامرة بالناس أو رأى حريقا وقع فيها أو ساقية صافية تجري في وسطها أو كان التبن محشوا في حوانيتها أو ريحا طيبة تهب من خلالها درت معيشة أهلها وأتتهم أرباح وجاءهم نفاق وان رأى أهل السوق في نعاس أو الحوانيت مغلقة أو كان العنكبوت قد نسج عليها أو على ما يباع كان فيها كساد أو نزلت بها عطلة وان رأى سوقا انتقلت انتقلت حالة المنتقل الى جوهر ما انتقلت اليه كسوة البز ترى القصابين فيه فإنه يكثر أرباح البزازين في افتراق المتاع وخروجه وان رأى فيه أصحاب الفخار والغلال قلت أرباحهم وضعفت أكسابهم وان رأى فيه أصحاب هرائس ومقالي نزلت فيه محنة اما من حريق أو نهب أو هدم أو نحوه وقال بعضهم السوق الدنيا واتساع السوق اتساع الدنيا وقيل السوق تدل على اضطراب وشغب بسبب من يجتمع اليها من العامة فإما من تعيش من السوق فإنها دليل على خير إذا رأى فيها خلقا كثيرا أو شغلا فأما إذا كانت السوق هادئة دلت على بطالة السوقيين

۞ (الحانوت) يدل على كل مكان يستفيد المرء فيه فائدة في دنياه وأخراه كبستانه وفدانه ونخلته وشجرته وزوجته ووالده ووالدته أو كتابه من قول العامة لمن اعتمد مكانا للفائدة جعله حانوته فمن رأى حانوته انهدم فإن كان والده مريضا مات لأن معيشته منه وان كانت أمه مريضة هلكت لأنها كانت تربيه بلبنها وتقويه بعيشها وان كانت زوجته حاملا أو سقيما ماتت لأنها دنياه ولذته ومتعته ومن في بطنها ماؤه وولده الذي هو في التأويل ماله فإن لم يكن شئ من ذلك تعذرت عليه معيشته وتعطلت عليه الأماكن التي بها قوامه

۞ (ومن رأى) أنه يكسر باب حانوته فإنه يتحول منه وان رأى أبواب الحوانيت مغلقة نالهم كساد في أمتعتهم وانغلاق في تجارتهم فإن رأى أبوابها مسدودة ماتوا وذهب ذكرهم فإن رآها مفتحة تفتح عليهم أبواب التجارة

۞ (الخان) فندق الرجل يدل على ما تدل عليه داره من جسمه واسمه ومجده وذكره وحمامه وفرنه ومجلس قضائه فما جرى عليه عاد عليه وأما المجهول منها فدال على السفر لأنه منزلهم وربما دل على دار الدنيا لأنها دار سفر يرحل منها قوم وينزل آخرون وربما دل على الجبانة لأنها منزل من يسافر عن بيته وخرج عن وطنه الى غير بلاده وهو في حين غربته الى أن يخرج منها مع صحابته وأهل رفقته فمن رأى كأنه دخل في فندق مجهول مات ان كان مريضا أو سافر ان كان صحيحا أو انتقل من مكان إلى مكان فأما من خرج من فندق الى فندق فركب دابة عند خروجه أو خرج بها عن وسطه نظرت إلى حاله فإن كان مريضا خرج محمولا وان كان في سفر تحرك منه وسافر عنه وكذلك ان رأى رفقة نازلة في فندق مجهول ركبانا أو خرجوا منه كذلك فإنه يكون وباء في الناس أو الرفاق كما تقدم أو يخرج يفرق بين الأمرين بأهل الرفقة وأحوالهم في اليقظة ولما لهم ومعروفهم ومجهولهم وبرهم ومراكبهم

۞ (السجن) يدل على ما يدل عليه الحمام وربما دل على المرض المانع من التصرف والنهوض وربما دل على العقلة عن السفر وربما دل على القبر وربما دل على جهنم لأنها سجن العصاة والكفرة ولأن السجن دار العقوبة ومكان أهل الجرم والظلم فمن رأى نفسه في سجن فانظر في حاله وحال السجن فإن كان مريضا والسجن مجهولا فذلك قبره يحبس فيه إلى القيامة وان كان السجن معروفا طال مرضه ورجيت افاقته وقيامه الى الدنيا التي هي سجن لمثله لما في الخبر انها سجن المؤمن وجنة الكافر وان كان المريض مجرما فالسجن المجهول قبره والمعروف دال على طول إقامته في علته ولم ترج حياته إلا أن يتوب أو يسلم في مرضه وان رأى ميتا في سجن فإن كان كافرا فذاك دليل على جهنم وإن كان مسلما فهو محبوس عن الجنة بذنوب وتبعات بقيت عليه وأما الحي والسليم يرى نفسه في سجن فانظر أيضا الى ما هو فيه فإن كان مسافرا في بر أو سفينة أصابته عقلة وعاقه بمطر أو ريح أو عدو أو حرب أو أمر من سلطان وان لم يكن مسافرا دخل مكانا يعصى الله فيه كالكنيسة ودار الكفر والبدع أو دار زانية أو خمار كل انسان على قدره وما في يقظته مما ينكشف عند المسألة أو يعرف عنه بالشهرة أو بزيادة منامه من كلامه وأفعاله في أحلامه وقال بعضهم من رأى أنه اختار سجنا لنفسه فإن امرأة تراوده عن نفسه والله يصرف عنه كيدها ويبلغه منهاه لقوله تعالى (رب السجن أحب إلى مما يدعونني إليه) (وحكي) ان سابور بن أردشير في حياة والده رأى كأنه يبني السجون ويأخذ الخنازير والقردة من الروم فيدخلها فيه وكان عليه أحد وثلاثون تاجا فسأل المعبر عنه فقال تملك إحدى وثلاثين سنة وأما بناء السجون فبعددها تبني مدائن وتأخذ الروم وتأسر منهم فكان كذلك فإنه بعد موت أبيه أخذ ملك الروم وبنى مدينة نيسابور ومدينة الأهواز ومدينة ساوران

۞ (المزبلة) هي الدنيا وبها شبهها رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وقف عليها والزبل الماء لأنه من تراب الأرض وفضول ما يتصرف الخلق فيه ويتعيشون به من عظام وخزف ونوى وتبن ونحو ذلك مما هو في التأويل أموال فمن رأى نفسه على مزبلة غير مسلوكة فأنظر إلى حاله وإلى ما يليق به في أعماله فإن كان مريضا أو خائفا من الهلاك بسبب من الأسباب بشرته بالنجاة أو بالقيام الى الدنيا المشبهة بالمزبلة وان رأى ذلك فقيرا استغنى بعد فقره وكسب أموالا بعد حاجته وان كان له من يرجو ميراثه ورثه لأن الزبل من جمع غيره ومن غير كسبه والمزبلة مثل مال مجموع من ههنا بلا ورع ولا تحر لكثرة ما فيها من التخليط والأوساخ والقاذورات وان كان أعزب تزوج وكان الأزبال شوارها وقشها المقشش من كل ناحية والمشتري من كل مكان والمستعار من كل دار فإن لم يكن ذلك فالمزبلة دكانه وحانوته ولا يبعد أن يكون صرفا أو خمارا أو سقاطا أو من يعامل الخدم المهنة كالفران وان كان يليق به القضاء والملك والجباية والقبض من الناس ولي ذلك وكانت الأموال تجئ اليه والفوائد تهدى اليه والمغارم والمواريث لأن الزبل لا يؤتى به إلى المزبلة إلا من بعد الكنس والكنس دال على الغرم وعلى الهلاك والموت وربما كانت المزبلة للملك بيت ماله وللقاضي دار أمينة وصاحب ودائعه وأما من يقرأ فوق مزبلة فإن كان واليا عزل وان كان مريضا مات وان كان فقيرا تزهد وافتقر

۞ (الطرق الجادة) الطريق هو الصراط المستقيم والصراط هو الدين والاستقامة فمن يسلك فيه فهو على الطريق المستقيم ومنهاج الدين وشرائع الإسلام ومتسمك بالعروة الوثقى من الحق فإن ضل الطريق فهو متحير في أمر نفسه ودينه وان رأى أنه يمشي مستويا على الطريق فإنه على حق فإن كان صاحب دنيا فإنه يهدي إلى تجارة مربحة وأما الطريق المضلة فضلالة لسالكها فإن استرشد وأصاب عاد إلى الحق والطريق الخفي غرور وبدعة وأما الطريق المنعرج في السلوك فيكون في المذاهب والأعمال قال أبو موسى الأشعري رضي الله عنه رأيت كأني أخذت جواد كثيرة فاضمحلت حتى بقيت جادة واحدة فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوقه وإلى جنبه أبو بكر رضوان الله عليه قلت إنا لله وإنا اليه راجعون وأما السراب فمن رأى سرابا فإنه يسعى في أمر قد طمع فيه لا يحصل له منه مقصود لقوله تعالى (كسراب بقيعة) (بئر الكنيف) تدل على المطمورة وعلى الكيس لما فيها من العذرة الدالة على المال فمن كنسها ورمى بما فيها من العذرة باع ما عنده من السلع الكاسدة أو بعث بماله في سفره أو عامل به نسيئة إن كان ذلك شأنه إذا حمل ما فيها في الجرار وان صب في القناة أو وجدها لا شئ فيها ذهب ماله ودنى فقره وان كان فقيرا ذهب همه ونقص حزنه حزن الفقر لكنسها عند امتلائها في يقظته وقد يدل على الدين فإن كان مديونا قضى دينه لأنها حش وأما من بال فيها لبنا أو عسلا أتى دبرا حراما ان كانت مجهولة وان كانت في داره صنع ذلك مع أهله

۞ (الجبانة) تدل على الآخرة لانها ركابها واليها يمضي بمن وصل اليها وهي محبس من وصل اليها وربما دلت على دار الرباط والنسك والعبادة والتخلي عن الدنيا والبكاء والمواعظ لأن أهلها في تزاويهم عن الناس عبرة لمن زارهم وموعظة لمن رآهم وانكشفت اليه احوالهم وأجسامهم المنهوكة وفرقهم المسحوقة وقد سماها النبي صلى الله عليه وسلم حين دخلها وسلم على ساكنيها دار قوم مؤمنين وربما دلت على الموت لانها داره وربما دلت على الكفار وأهل البدع ومحلة أهل الذمة لان من فيها موتى والموت في التأويل فساد الدين وربما دلت على دور المستخفين بالأعمال المهلكة والفساد كدور الزناة ودور الخمور التي فيها السكارى مطروحين كالموتى ودور الغافلين الذين لا يصلون ولا يذكرون الله تعالى ولا ترفع لهم أعمال وربما دلت على السجن لأن الميت مسجون في قبره فمن دخل جبانة في المنام وكان مريضا في اليقظة صار اليها مات عن علته ولاسيما ان كان بنى فيها بيتا أودارا فإن لم يكن مريضا فأنظر فإن كان في حين دخوله متخشعا باكيا بعينه أو تاليا لكتاب الله تعالى أو مصليا إلى القبلة فإنه يكون مداخلا لأهل الخير وحلق الذكر ونال نسكا وانتفع بما يراه أو يسمعه وان كان حين دخوله ضاحكا أو مكشوف السوأة أو بائلا على القبور أو ماشيا مع الموتى فإنه يداخل أهل الشر والفوق وفساد الدين ويخالطهم على ما هم عله وان دخلها بالاذان وعظ من لا يتعظ وأمر بالمعروف من لا يأتمر وقام بحق وشهد بصدق بين قوم غافلين جاهلين أو كافرين وأما من راى الموتى وثبوا من قبورهم أو رجعوا إلى دورهم مجهولين غير معروفين فانه يخرج من في السجن أو يسلم أهل مدينة مشركون أو ينبت ما زرعه الناس من الحب في الأرض مما قد أيسوا منه لدوام القحط على قدر ما في زيادة الرؤيا وما في اليقظة من الشواهد والادلة والامور الظاهرة الغالبة وأما من نبش القبور فان النباش يطلب مطلوبا خفيا مندرسا قديما لان العرب تسميه مختفيا إما في خير أو شر فان نبش قبر عالم ففيه نبش على مذهبه وإحياء ما اندرس من علمه وكذلك قبر الرسول صلى الله عليه وسلم إلا أن يفضي به نبشه الى رمة بالية وخرق متمزقة أو تكسر عظامه فأنه يخرج في علمه إلى بدعة وحادثة

۞ وان وجده حيا استخرج من قبره أمرا صالحا وبلغ مراده من احياء سنته وشرائعه على قدره ونحوه وان نبش قبر كافر أو ذي بدعة أو أحد من أهل الذمة طلب مذهب أهل الضلالة أو عالج مالا حراما بالمكر والخديعة وان افضى به النبش الى جيفة منتنة أو حمأة أو عذرة كثيرة كان ذلك أقوى في الدليل وأدل على الوصول إلى الفساد المطلوب وأما من راى ميتا قد عاش فان سنته تحيا في خير أو شر لرائيها خاصة ان كان من أهل بيته أو رآه في داره أو للناس كافة ان كان سلطانا أو عالما وأما أكل الميت في دار فيها مريض فدليل على هلاكه وإلا ذهب لأهلها مال وأما من ناداه الميت فان كان مريضا لحقه وان كان مفيقا فقد وعظه وذكره فيما لابد منه ليرجع عما هو فيه ويصلح ما هو عليه وأما من ضربه ميت أو تلقاه بالعبوس والتهديد وترك السلام فليحذر وليصلح ما قد خلفه عليه من وصية ان كانت اليه أو في أعمال نفسه وذنوبه فيما بينه وبين الله تعالى وان تلقاه بالبشر والشكر والسلام والمعانقة فقد بشره بضد حال الأول وقد تقدم في ذكر باب الأموات ما فيه غنى واما الحمل فوق النعش فمؤيد لما دل عليه الموت في الرؤيا وقد يلى ولاية يقهر فيها الرقاب واما الدفن فمحقق لما دل عليه الموت وربما كان يأسا لمن فسد دينه من الصلاح وربما دل على طول اقامة المسافر وعلى النكاح والعروس ودخول البيت في الكلة مع العروس بعد الاغتسال ولبس البياض ومس الطيب ثم يزوره أخوانه في أسبوعه وربما دل على السجن لمن يتوقعه فان وسع عليه ونوم نومة عروس كان ما يدل عليه خيرا كله وحسنت فيه عقباه وكثرت دنياه وإن كان على خلاف ذلك ساءت حالته وكانت معيشته ضنكا وكان ابن سيرين يقول أحب أن آخذ من الميت واكره ان أعطيه وقال إذا أخذ منك الميت فهو شئ يموت ومن مات ولم ير هناك هيئة الأموات فانه انهدام داره أو شئ منها وإذا راى الحي انه يحفر لنفسه قبرا بنى دارا في ذلك البلد أو تلك المحلة وثوى فيها ومن دفن في قبر وهو حي حبس وضيق عليه وان رأى ميتا عانقه وخالطه كان ذلك طول حياة الحى وان رأى نائما كان ذلك راحته (وأما السور) فسور المدينة دال على سلطانها وواليها وأما المجهول منه فيدل على الإسلام والعلم والقرآن وعلى المال والامان وعلى الورع والدعاء وعلى كل ما يتحصن به من سائر الاعداء وجميع الاسواء من علم أو زوجة أو زوج أو درع أو سيد أو والد أو نحوهم فمن رأى سور المدينة مهدوما مات واليها أو عزل عن عمله وان رآه ماشيا كما يمشي الحيوان فإنه يسافر في سلطانه إلى الناحية التي مشى عليها في المنام فإن كان فوقه سافر معه وأما من بنى سورا على نفسه أو على داره أو على مدينته فأنظر في حاله فإن كان سلطانا حفظ من عدوه ودفع الاسواء عن رعيته وان كان عالما صنف في علمه ما فيه عصمة لغيره وان كان عبدا ناسكا حفظ الناس بدعائه ونجا هو من الفتنة به وان كان فقيرا أفاد ما يستغنى به أو تزوج زوجة ان كان عزبا تحصنه وتدفع فتن الشيطان عنه

۞ (ومن رأى) سورا مجهولا وقد تثلم منه ثلم حتى دخل إلى المدينة لصوص أو أسد فإن أمر الإسلام يضعف أو العلم في ذلك المكان أو ثلم من أركان الدين ركن فإن كان ذلك فيما رآه كان فيما يخصه وكأنه كان فيه وحده دخل ذلك عليه في دينه أو علمه أوفي ماله أو في درعه ان كان في الجهاد أو في حقوق والد أو الدة أو زوج أو سيد فيصل اليه من ذلك الآثام

۞ (القلعة) انقلاع من هم إلى فرج والقلعة ملك من الملوك يبلغ الملوك من خير الى شر فمن رأى كأنه دخل قلعة رزق رزقا ونسكا في دينه
شارك الصفحة
البحث:
بحث جوجل المخصص: